محمد الفاتح وحديث الرسول

تعد مدينة القسطنطينية إحدى أهم المدن التاريخية، التي تصارعت حولها العديد من الدول والإمبراطوريات المختلفة الأعراق والأديان، وقد ظلت هذه المدينة تابعة للعالم المسيحي إلى حدود سنة 1453 ميلادية، حيث تم فتحها من طرف السلطان الفاتح محمد بن مراد الثاني، لتتغير بعدها هوية المدينة وتصبح تابعة للعالم الإسلامي وثقافته.

وقد تنبأ النبي محمد عليه الصلاة والسلام منذ القرن الهجري الأول بهذا الفتح العظيم، وبشر به أصحابه. فما هي العلاقة بين محمد الفاتح وحديث الرسول ؟ وكيف استطاع تحقيق الحلم الذي راود المسلمين لقرون عديدة ؟

 

القسطنطينية ومحاولات الفتح الأولى

شكلت مدينة القسطنطينية التي بنيت حول مضيق البوسفور في نقطة اتصال القارتين الآسيوية والأوربية، مصدر تهديد للشرق عامة و للعالم الإسلامي خاصة، حيث كانت المدينة تتميز بموقعها الاستراتيجي الذي يقع في نقطة التقاء خطوط التجارة الدولية البرية والبحرية، كما أن قوة تحصيناتها ودفاعاتها جعلها قاعدة لانطلاق الحملات الصليبية نحو المشرق الإسلامي.

وقد تنبأ النبي عليه الصلاة والسلام بفتح المدينة وبشر به أصحابه كما ورد في الحديث الشريف: ” لتفتحن القسطنطينية ولنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ” ( حديث رقم 18189، مسند الإمام أحمد )، الأمر الذي جعل العديد من الخلفاء الذين حكموا الدولة الاسلامية لأكثر من ثمانية قرون ونصف، عقب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم يسعون لتحقيق هذه البشارة ونيل الجزاء والثواب على ذلك.

وانطلقت محاولات الفتح الأولى لمدينة القسطنطينية في عهد الخليفة الراشدي الثالث عثمان بن عفان، وبعده حاول كل من معاوية بن أبي سفيان وعبد الملك بن مروان القيام بالمثل، واستمرت المحاولات في العهد العباسي والعثماني دون تحقيق الحلم المنشود ، حتى استطاع السلطان محمد بن مراد الثاني تحقيق ذلك، لـ يلقب بعدها بـ السلطان الفاتح.

 

محمد الفاتح وحديث الرسول

عمل السلطان مراد الثاني على الاهتمام بتربية ابنه محمد، و أولاه عناية خاصة، حيث اختار له أفضل العلماء والمدربين للإشراف على تعليمه وتكوينه عسكريا وعقليا ودينيا.

فمنذ صغر سنه؛ بدأ السلطان محمد الفاتح يتلقى الدروس والتدريبات في الميدان العلمي والعسكري، وإلى جانب ذلك كان يتعلم حفظ القرآن والأحاديث على يد العالم الجليل آق شمس الدين، الذي كان يلمح ويشير لولي العهد محمد بن مراد الثاني بأنه هو الفاتح المنتظر والمقصود ببشارة وحديث النبي صلى الله عليه وسلم حول فتح مدينة القسطنطينية.

قد يُفيدك أكثر:

 

محمد الفاتح وحديث الرسول وتحقق البشارة

مباشرة بعد تولي السلطان محمد الفاتح عرش الدولة خلفا لأبيه مراد الثاني سنة 1451 م، عمل جاهدا على تحقيق بشارة النبي وحلم أبيه وكل المسلمين بفتح مدينة القسطنطينية عاصمة الروم أشد أعداء المسلمين، فأعد لذلك كل الوسائل اللازمة وخصص له الموارد البشرية والمالية، وقام بوضع الخطط والخرائط وأمر بجمع المعلومات وتقوية الجيش وتحديثه.

وفي سنة 1453 ميلادية اندلعت المعركة الحاسمة حول المدينة بين العثمانيين و البيزنطيين، والتي تفوق فيها الجيش العثماني بعدما دكت مدافعه حصون المدينة، فدخلها منتصرا فاتحا لها .

وعقب هذا الحدث العظيم تم تلقيب السلطان محمد بن مراد بـ السلطان الفاتح و بأبي الفتوح وبصاحب البشارة، وخلد اسمه في كتب التاريخ، وأصبح قدوة لكل المسلمين.